الْوَقْتُ في اعمال الحج دراسة فقهية مقارنة

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

جامعة الازهر

المستخلص

: فلا يخفى ما للوقت من أهمية في حياة الفرد والجماعة، حيث إنه قوام الحياة، والمسلم مطالب بالحفاظ عليه، وعدم إهداره فيما لا يفيد؛ لأنه مسئول عنه أمام الله يوم القيامة، يقول r « لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيم فعل، وعن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن جسمه فيم أبلاه »([i]).
وكثير من العبادات التي تعبد الله بها عباده مرتبطة بوقت، يلزم المسلم أن يوقعها فيه، ومن هذه العبادات ما يُمَكَّن المسلم من أدائها بعد وقتها، وتكون قضاء، كالصلوات الخمس، حيث إن الصلاة من العبادات المؤقتة، يقول تعالـى: ) إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً(([ii])، وكذا الزكاة، فمتى وجبت، ببلوغ النصاب وحلول الحول، لزم إخراجها، يقول تعالى: ) وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ(([iii])، فإن فات هذا الوقت لم تسقط، وإنما يلزمه الأداء بعد ذلك، وكذا الصيام، فمتى وجب، بإدراك الشهر مسلماً بالغاً عاقلاً قادراً، لزمه الصيام، فإن لم يصم، طولب بالقضاء بعد انتهائه، إلى العام التالي، ولا يسقط القضاء في حقه، ومن العبادات ما لا يجوز للمسلم أن يؤديها بعد انتهاء وقتها، كصلاة الجمعة والعيدين، فإذا فات وقتها سقطت، ولا قضاء، لكن المسلم مطالب بالبدل في الأولى، وهو الظهر، وسقطت الثانية بلا بدل، ومن العبادات ما لا يجوز للمسلم أن يؤديها إلا في وقتها، فإن فات لم تسقط وإنما لزمه أن يقضيها، ليس في أي وقت، كحال القسم الأول – وهو الصلوات الخمس، والزكاة، والصيام – وإنما في وقتها المحدد من قبل الشارع من العام التالي لعام الفوات، وهذا هو الحج، يقول تعالى: ) الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ (([iv])، فمن فاته الحج لفوات وقته، لا يمَكَّن من القضاء من نفس العام، وإنما يلزمه القضاء من العام التالي.
 
([i]) أخرجه الترمذي في جامعه، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله r باب ما جاء في شأن الحساب والقصاص، حديث رقم (2417)، واللفظ له، وقال: "هذا حديث حسن صحيح"، وأخرجه الدارمي في المقدمة، باب من كره الشهرة والمعرفة، رقم (537)، كلاهما عن أبي برزة الأسلمي، وأخرجه الدارمي موقوفاً على معاذ بن جبل، في المقدمة، باب من كره الشهرة والمعرفة، رقم (539)، والحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، رقم (126).
([ii]) سورة النساء، من الآية (103).
([iii]) سورة الأنعام، من الآية (141).
([iv]) سورة البقرة، من الآية (197).

الموضوعات الرئيسية