التدخين وآثاره بين أحكام الشريعة الإسلامية، وتشريعات مناهضته في دول مجلس التعاون الخليجي

"الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين"..... فإن من حكمة الله سبحانه وتعالى أن جعل الشريعة الإسلامية خاتمة الشرائع السماوية، شملت في أحكامها جميع جوانب الحياة وعالجتها أفضل العلاج وأحسنه، ولم تقتصر أحكامها على تنظيم العلاقة بين العبد وربه، بل نظمت علاقته بربه، وبنفسه، وبغيره. وعند تتبع أحكام الشريعة نجد أنها جاءت محافظة على الضرورات الخمس وهي:(الدين، والنفس، والعقل، والعرض، والمال). فحرصت عليها الشريعة الإسلامية وحَرمت كل ما يؤدي إلى هتك حرمتها. ولما كان التدخين يؤدي إلى الإخلال ببعض هذه الضروريات مثل الدين والنفس والمال – لا سيما – مع انتشاره في معظم بلاد العالم ووقوع كثير من المسلمين فيه وتساهلهم به مع ما يؤدي إليه من أمراض عديدة تستوجب بيان أحكامه.
أما بالنسبة لأهمية موضوع الدراسة، فهى لتبيان أن شريعة الإسلام شريعة كاملة مناسبة لكل عصر وزمان، وجاءت لتحقيق ما يكفل للمرء السعادة في الدنيا والآخرة، فبينت للناس الحلال والحرام حتى يسلموا من الوقوع في الزلل والخطأ. وأن انتشار هذا الداء العضال في معظم دول العالم واستهلاكه بكميات كبيرة رغم ما يؤكده العلماء والمختصون والخبراء من جسامة ضرره على الصحة والبيئة والاقتصاد. وتعلق الأمر بحياة كثير من المسلمين، ذلك لأن كثيراً من الناس يتساهلون في شرع الله إلا من رحم الله، قال تعالى {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ}⁽[i]⁾. كما أن الدراسة تستبين موقف دول مجلس التعاون الخليجي من قضية التدخين من خلال تتبع تشريعات مناهضة هذه الظاهرة الذميمة. أما عن سبب اختيار موضوع الدراسة، فهو عائد إلى قلة البحوث العلمية التي تتناول هذا الموضوع من الجانب الشرعي والأحكام المتعلقة به، بجانب التشريعات الدولية. كما أن بعضاً ممن ابتلوا بهذا الداء ينكرون حرمة التدخين شرعاً لعدم ورود نص شرعي خاص على تحريمه. هذا بجانب كثرة المشاكل والأمراض الناتجة عن التدخين مما يحتاج معه لبيان أحكامه. وأما بالنسبة للمنهج العلمي للدراسة؛ فقد اعتمدت على المنهج المقارن، كما هو الحال للمقارنة بين آراء المذاهب الفقهية الأربعة؛ وكذلك المنهج التطبيقي.