أسْبَابُ ظُهُور الكُدْيَة في الأنْدَلسِ

المؤلفون

1 باحثة ماجستير

2 باحثة ماجستير بقسم اللغة العربية - كلية الآداب - جامعة دمنهور

المستخلص

نال الأدبُ الأندلسيُّ عِنَايَةً كبيرة من الباحثين ؛ فقد وُضعت فيه كثيرٌ من المُؤلفات التي أَرَّخَتْ ظواهره ، وأَحْصَتْ تَيَّاراتِهِ .
ولقد زَخَرَتِ الحياةُ الشَّعبيَّةُ في الأندلس بكثيرٍ من الظَّوَاهِر التي تستحقُّ الدِّرَاسة والبحث ، من بينها ظاهرة الكُدْيَة ؛ التي لم تقتصر على الجانب الاجتماعيّ فقط ، بل كان لها وجهٌ أدبيٌّ أكثرَ طَرَافَةٍ .
       تَعْنِي الكُدْيَة : التَّسَوُّل والاستجداء وسؤال النَّاس ، وهي حِرْفَةُ السَّائِلِ المُلِحِّ الذِي يصل به الأمر إلى اصطياد المال بمختلف الطُّرق والوسائل والحِيَل ، التي تَهْدِفُ إلى المغْنَم .
       إنَّها ظاهرة اجتماعيَّة وُجِدَت جُذُورُهَا في المشرق في القرن الرابع الهجريّ ، وفيها من الغُمُوض والطَّرافة ما يدفع إلى تقصِّي نشأتها ، وتَتَبُّع مراحل تَطَوُّرها، وخصائصها الفنيَّة .
 وقد عُرِفَتْ الأندلس بالسَّعَة والرخاء ؛ حَتَّى وُصِفَت بحَنَّةِ اللهِ فِي الأَرْضِ ، واشتهرت بِخُصُوبَةِ التُّرْبَة ، وتَنَوُّع الثِّمَار ، ولكنها مَرَّتْ بِحِقَب زَمَنِيَّة عَصِيبَة وأزمات اقتصاديَّة لا سيما في عصر المُرَابِطِينَ ، كما حدث في عهد عَلِيّ بن يُوسُف بن تاشفين (ت537هـ) ؛ فقد اشْتَدَّتْ المجاعات في قُرْطُبَة (Cordoba) ، ورافقها غلاء الأسعار ، وانتشار الوباء ، وهُجُوم أسرابٍ من الجَرَاد ، ودفعت تلك الأزمات الشُّعَراء والكُتَّاب إلى أن يتخذوا الأدب وسيلةً لجلب المال وطلب العطاء ؛ ومن هنا ظَهَرَ ما عُرِفَ بـ (أدب الكُدْيَة) ، الذي يُمَثِّلُ وَثِيقةً اجتماعيَّة تُصَوِّر الحَيَاة الشَّعْبِيَّة فِي الأَنْدَلُس .
ويهدف هذا البحث إلى توضيح أهم الأسباب الاقتصاديَّة والسِّياسيَّة لوجود ظاهرة الكدية في الأدب الأندلسي .
وتناولت في التَّمهيد : مُصْطَلَح الكُدْيَة ، والكُدْية في المُجْتَمَعِ الأَنْدَلُسِيِّ ، أمَّا البحث وعنوانه (أَسْبَاب ظُهُور الكُدْيَة في الأندلس) ؛ فينقسم إلى : الأزَمَات الاقتصَاديَّة ، والاضطرابات السياسيَّة .
اتّبَعْتُ المنهجَ التحليليّ ؛ لدراسة أسباب الكُدْيَة في الأدب الأندلسيّ ، وتحليل النصوص التي وردت فيها الكُدْيَة تحليلاً وافيًا ، واسْتعَنتُ بالمنهج الفنيّ في الكشف عن جماليات النص الأدبي عند شعراء وأدباء الكُدْيَة .