الدِّلالَةُ الرَّمْزِيَّةُ لِلطَّـــــــائِرِ فِي الشِّعْرِ الجَاهِلِيّ

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلفون

1 باحثة ماجستير – قسم اللغة العربية كلية الآداب – جامعة دمنهور

2 أستاذ النقدوالبلاغة قسم اللغة العربية - كلية الاداب – جامعة دمنهور

3 أستاذ الأدب العربي - كلية الآداب- جامعة دمنهور

المستخلص

الطبيعة كتابٌ مفتوح تَخُطُّ أقلامُ الشعراءِ في صفحاتها ؛ بوصفها قالبًا يَسْكُبُ فيه الشاعرُ أحاسيسه ومشاعره في ثَوبٍ فَنِّيٍ جديد .
        لقد تَمَيَّزَ الطّيرُ بقدرتِه على التَّحليقِ عاليًا ، وهي السّمة المُشتركة بينه وبين الشُّعراءِ ، فكما يُحَلِّقُ الطائرُ في الفضاءِ الواسعِ ، يُحَلِّقُ الشاعرُ في سماء أخيلته ؛ بُغْيَةَ التعبيرِ عن مشاعره ، التي لا يستطيعُ البوحَ بها أحيانًا ؛ فيتخذ من الطُّيور معادلاً موضوعيًّا .
عالَمُ الطُّيور عالَمٌ واسع ، وقد شغل تفكير الشعراء والنُّقَّاد والفلاسفة والأطباء والمتكلمينَ على مرِّ العصورِ ، وحَظِيَ بمكانةٍ ساميةٍ في مؤلفات العربِ ، مثل كِتَاب (كليلة ودمنة) لابن المقفع (ت142هـ) ، وكتاب (الحيوان) للجاحظ (ت255هـ) ، وكتاب (المصايد والمطَارِد) لكُشَاجِم (ت360هـ) ، وكتاب (حياة الحيوان الكُبْرَى) للدَّمِيريّ (ت808هـ) .
        ولقد أَثَّرَت الطيور في الشاعر الجاهليّ ، واستطاع أن يُوَظِّفَهَا في تصوير الحياة بمختلف جوانبها : السياسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ، والدينية ، والفكرية .
        فالشاعر ابن بيئته - بلغة هيبوليت تين (Taine) (ت1893م) - ؛ لذا يُصَوِّرُ ما يَدُورُ حوله برؤيته الشاعرية ؛ مِمَّا جَعَلَ القصائدَ العربيَّة سجلاً حافلاً يضم أحداث كلّ عصرٍ .
         فقد حفلَ الشعرُ الجاهلي بمادة لغوية غزيرة عن الطيورِ بأسمائها وصفاتها وطباعها وألوانها ، ولا أُغَالِي إِنْ قُلْت إِنَّ بعض المعتقدات الأسطوريّة قد سيطرت على الشعراء الجاهليينَ ؛ فاقتبسوا بعض أشعارهم من الأساطير الموروثة عن الطَّير .
            ولقد أبدع الشعراء الجاهليون في استحضار صورة الطير ؛ فأسقطوا عليها مشاعرهم ، وأحاسيسهم ؛ فنرى في شعرهم فلسفة ذهنية ، ومضمون فكري ، وذوق فني يَجْمَعُ بين جمال اللفظ وعُمْق المعنى .
        ويرتبطُ الشاعر الجاهليّ - ارتباطًا وثيقًا - بالطَّيرِ ، الذي كان رفيقًا له في غُرْبَتِهِ ووَحْدَتِهِ ؛ لذا استلهموا دلالات رمزيَّة من الطَّير ، منها : (الحُرِّيَّة – التقييد - القوة - الضعف - الفرح - الحُزْن – الشجاعة – الاستسلام – الحُبّ – الكراهية – الخير – الشر – الفأل – التطيُّر – الحياة - الموت) ، وكلها حالات نفسيَّة استطاع الشاعر الجاهلي أن يُوَظِّفَهَا ، ويَخْلُقُ منها معادلاً موضوعيًّا لحالته النفسية ؛ فالشعر الجاهليّ لوحة فنيّة أحاطها الغموض في بعض الأحيان ؛ فهي بحاجة إلى فَكِّ شَفراتها